قال الرازي: للمانعين من التعليل بالعدم: أن يمنعوا من التعليل بالأوصاف الإضافية؛ محتجين بأنها عدم، والعدم لا يكون علة.
وإنما قلنا: إنها عدم؛ لأن مسمى الإضافة ليس أمرا وجوديا؛ وإذا لم يكن المسمى وجوديا امتنع أن يكون شيء من الإضافات المخصوصة أمرا وجوديا.
وإنما قلنا: إن مسمى الإضافة ليس أمرا وجوديا؛ لأنه لو كان هذا المسمى وجوديا لكان أينما حصل هذا المسمى كان وجوديا، فإذا فرضنا في إضافة ما كونها أمرا وجوديا، كانت لا محالة، صفة لمحل؛ فكان حلولها في ذلك المحل إضافة بينها وبين ذلك المحل؛ فكان مسمى الإضافة حاصلا في حلول تلك الإضافة في ذلك المحل.
وإذا كان ذلك المسمى أمرا وجوديا، كانت إضافة الإضافة أمرا وجوديا زائدا على الإضافة إلى غير نهاية؛ فثبت أن مسمى الإضافة يمتنع أن يكون وجوديا.
وإذا ثبت ذلك، وجب ألا يكون شيء من الإضافات المخصوصة وجوديا؛ لأن الإضافة المخصوصة ماهية مركبة من الإضافة، ومن الخصوصية، فلو كان أمرا وجوديا لكان الوجود: إما قيد الإضافة، أو قيد الخصوصية:
والأول: باطل؛ لما تقدم، والثاني أيضا: باطل؛ لأن خصوصية الإضافة صفة للإضافة، لو كانت الخصوصية أمرا ثبوتيا، لزوم حلول الوجود في النفي المحض؛ وهو محال؛ فثبت أن سائر الإضافات يمتنع أن يكون موجودا؛ فهو معدوم، والتعليل بالعدم غير جائز؛ على ما تقدم.