(ذلك يخوف الله به عباده ([آلزمر:١٦]، و (ما نرسل بالآيات إلا تخويفًا)[الإسراء:٥٩]، فقلت له: هذه الآيات عليكم لا لكم، فإنه إن يكن الحق ما تقولونه لا تكون الآيات مخوفة، وأي خوف مع الجزم بأن ظاهر الوعيد غير مراد.
والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها: أن المرجئة جزمت بمراد الله تعالى والحشوية قالت: لا نعلم مراد الله تعالى، فالنزاع مع الحشوية في أن معنى معقول أم لا؟، والنزاع مع هؤلاء على المعنى المعقول هل هو مراد الله تعالى أم لا؟.
(فائدة)
المرجئة من الإرجاء وهو التأخير، كقوله تعالى:(زرجه وأخاه)[الأعراف:١١١] وهؤلاء المرجئة أخروا الأعمال أي أسقطوا اعتبارها، فلم يجعلوها تسقط عذابا عن العبد، فإنه لا عذاب مع الإيمان، فلم يبق للعمل أثر في إسقاط العذاب، فصار العمل مؤخرا، بمعنى: أنه داحض ساقط، كقوله: أخر الملك فلانا إذا عزله أو أبعده.
قوله:(اللفظ بالنسبة إلى غير ظواهره مهمل، والتكلم به غير جائز على الله تعالى).
قلنا: لا نسلم أنه مهمل؛ لأن المهمل في الصطلاح ما لم يوضع، وكون اللفظ أريد به غير ظاهره لا يقتضي عدم وضعه
سلمنا إهماله، لكن لا نسلم أنه محال على الله تعالى؛ لأن أفعال الله تعالى لا يجب تعليلها بالمقاصد كما تقدم.
والأقرب في هذه المسألة والتي قبلها أن يقال:(وذلك غير، اقع)، ولا يقال:(وذلك غير جائز)، فإن جوزنا عدم تعليل أفعال الله وشرائعه،