الجوعان، وإكساء العريان، فهذا ونحوه يجب على الكفاية، ويسقط عن الباقين نفيا للتعقيب، فهذا ضابط فروض الكفاية، وفروض الأعيان.
فإن قلت: يشكل ذلك بصلاة الجنازة؛ فإن المقصود المغفرة، ولم يعلم حصولها، فكيف كانت فرض الكفاية، واقتصر على البعض مع عدم تحقيق المصلحة؟
قلت: مقصود الصلاة على الجنازة حصول المغفرة ظنا لوجود أمارة تدل عليها. وقد حصل ذلك بقوله تعالى:(ادعوني استجب لكم)[غافر:٧٠]، وكقوله عليه السلام:(لا يجتمع لرجل من أمتي أربعون يصلون عليه إلا غفر له)، أو ما هذا معناه، وقد فعل ذلك، وقد حصلت المغفرة ظنا، وأما حصولها علما فلا مطمع فيه أبدا.
(قاعدة)
لا يجوز خطاب المجهول، ويجوز الخطاب بالمجهول.
أعني: غير المعين في القسمين؛ لأن خطاب غير المعين يفضي إلى ترك الأمر، بأن يمتنع كل أحد من فعله؛ لأنه يقول: أنا لم أرد ولم يتعين على بخلاف الخطاب بغير المعين نحو الأمر بإعتقا رقبة،،بجميع المطلقات؛ فإن يتأتى معها حصول مقصود الأمر بفعل معين يدخل في ضمنه ذلك المطلق.
وبهذه القاعدة قرر الشرع الوجوب على الكل في فرض الكفاية حذرا من خطاب المجهول لئلا يضيع الواجب، وإلا فمقتضى الخطاب لغة أن يجب على طائفة لا بعينها لقوله تعالى:(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)[آل عمران:١٠٤].