وفي "مقامات الحريري" أنواع من ذلك نحو ساكب كأس، وسكب من لك مكس ونحو ذلك، فيضع الواضع تلك الألفاظ المفردة بعد وضعه غيرها ليتأتى له القلب إذا أراده.
"سؤال"
قوله: ومن الناس من قال: إن الترادف خلاف الأصل يشعر بأن غير هذا القائل لم يوافقه، وكونه تعريف المعرف لا ينفي النزاع في أنه خلاف الأصل.
["المسألة الثالثة: في إقامة أحد المترادفين مقام الآخر"]
إذا أبدلت لفظ "من" بلفظ آخر، والنسخة التي قرأتها على شمس الدين الخسروشاهي كان فيها إذا أبدلت لفظ "من" بلفظ "إن"، وكذلك كان الشيخ شمس الدين الذي يقربه يقول: هو هكذا لفظ الأصل، وكان عالما بلسان الفرس، غير أنا نحن لا نعلم لسان الفرس، فما نأخذ ذلك عن الإمام فخر الدين، والشيخ شمس الدين إلا تقليدا، وقد وجدت في لغة العرب ما يغني عن التقليد وهو مثال لذلك؛ لأن أئمة اللغة قالوا: صلى ودعا مترادفان.
مع أنه يجوز أن يقول: صلى عليه، فيركب صلى مع لفظ على في طلب الخير للمدعو له، ولو ركبت دعا مع على في طلب الخير، فقلت: دعا عليه لم يصح، وانعكس المعنى للشر؛ ولأن "ليت" موضوعة للتمني، فهي مرادفة للفظ التمني.
ويصح أن يركب مع لفظ التمني الخبر عن المبتدأ، فتقول: التمني تعلق الأمل، ولو قلت:"ليت" تعلق الأمل من غير إضمار شيء لم يكن كلاما عربيا؛ لأن العرب لا تجيز الإخبار عن المسمى للحرف معبرا عنه بلفظ الحرف.