منها: ما اتفقت الفتاوى عليه، وظاهر أنه ثابت بالإجماع.
ومنها: ما اختلفت الفتاوى فيه، وقد انعقد الإجماع على أن كل مجتهد إذا استفرغ جهده في طلب الحكم الشرعي، وغلب على ظنه حكم فهو حكم الله - تعالى - في حقه وحق من قلده، إذا حصل له سببه، فقد صارت الأحكام في مواقع الخلاف ثابتة بالإجماع عند الظنون، فثبت أن كل حكم شرعى ثابت بالإجماع.
وأما أن كل ما هو ثابت بالإجماع، فهو معلوم، فلأن الإجماع معصوم على ما يأتى تقريره في كتاب الإجماع إن شاء الله تعالى، فثبت أن كل حكم شرعى معلوم وهو المطلوب.
وعلى البرهانين ستة أسئلة:
أحدها: لا نسلم انقعاد الإجماع على أن ما غلب على ظن المجتهد هو حكم الله تعالى في حقه، وحق من قلده إذا حصل له سببه.
وثانيها: سلمنا انقعاد الإجماع على ذلك، لكن الإجماع ظنى عند الإمام، ولأن أدلته ظنية فهو ظنى، فإن ظواهر النصوص إنما تفيد الظن، وإذا كان ظنيا لايحصل العلم؛ لأن النتيجة تابعة للمقدمات.
وثالثها: سلمنا أنه قطعى، لكنه ادَّعى في كتاب الإجماع أنه ظنى، فكيف يدعى هاهنا أن الحكم الشرعى معلوم بناء، فإنه تناقض، فنحن نلزمه مذهبه في الإجماع، وإن كان مذهبا باطلا، فإن النقض والإلزام يردان بمعتقد من يرد عليه ذلك، ولا يشترط وقوع ذلك الأمر في نفس الأمر.
ورابعها: أن الأمارات أكثرها غير متفق عليها، فإذا افتى مفت بناء على أمارة مختلف فيها، كيف يوافقه غيره إلا أن ذلك حكم الله تعالى، مع اعتقاده بطلان مستنده، وأنه أفتى غير مستند، والفُتيا بغير مستند باطلة