قوله:"لا يمكن [تعليل] حكم الأصل [بحكم آخر]؛ لأنه معلوم بالنص".
قلنا: المراد بأن العلة معرفة: أنا عرفناها بالنص في الأصل، وهي تعرفنا ثبوت الحكم في الفرع؛ لأنها معرفة لحكم الأصل.
قوله:"كل واحد منهما معرف لصاحبه":
قلنا: يلزم الدور؛ فإن العلم بالمعرف يجرب تقدمه على العلم بالمعرف، فيتقدم كل واحد منهما على الآخر، ويلزم الدور.
وإنا الجواب أن نقول: أحد الحكمين معرف بالنص، أو بحكم آخر ينتهي إلى النصوص، والمعرف بالنص يعرف هذا الحكم المقيس حينئذ، والمقيس معرف على الإطلاق، ولم يعرف غيره ألبتة، فلا دور.
ثم إن الحكم الذي هو العلية لابد وأن يكون مناسبا الحكم المعلل، كقولنا: نجس فيحرم بيعه، وطاهر فتجوز الصلاة فيه، فالطهارة والنجاسة حكمان شرعيان، وحينئذ تتعين العلة والمعلوم، ويظهر ما هو أولى من الآخر بالعلية.
"سؤال"
كيف يتصور في الأحكام الشرعية التقدم والتأخر مع أنها كلها قديمة، والقديم لا يتأخر عن القديم.
"جوابه"
أن المراد تكامل شروط التعلق؛ فإن الحكم غي الأزل إنما يتعلق بشرط وجود المكلف، وسبب الحكم، وإرسال الرسل، وتنزل الوحى، فجاز أن يكون تنزل الوحى في أحدهما قبل الآخر، فتكمل شروطه في الآخر، فهذا هو [التقديم].