ولقائل أن يعترض على الأول: بأن لفظ " لناس، والجماعة، والأسود، والأحمر " لا يتناول إلا الموجودين؛ فيختص بالحاضرين.
وعلى الثاني: بأن ذكر التخصيص، إنما يحتاج إليه لو جرى لفظ يوهم العموم، لكنا قلنا: إن الخطاب مشافهة لا يحتمل أن يدخل فيه الذين سيوجدون بعد ذلك؛ فلا حاجة فيه إلى بيان التخصيص.
[المسألة الحادية عشر]
قال القرافي: خطاب المشافهة والمخاطبة يخص الموجودين؛ كقوله تعالى:{يأيها الذين آمنو}[البقرة: ١٧٨].
تقريره: أن النداء في لسان العرب لا يكون إلا مع القريب الموجود، أما البعيد جدا؛ كنداء من في المشرق من في المغرب، لا يناديه العرب، إلا على سبيل المجاز، وكذلك من لا يصلح للنداء؛ كقوله تعالى حكاية عن الكافر:{ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله}[الزمر: ٥٦] فمناداة الحسرة ونحوها مما لا يعقل، (و) للعلماء فيه تأويلات مذكورة في موضعها، فالمعدوم أولى، غير أن فهرسة المسألة أعم من النداء، وما مثلها إلا تأكيدا؛ فإن المخاطبة صدق ضمائر الخطاب من غير نداء؛ نحو: أكرمتكم، وأمرتكم، وقوموا، و {أفيضوا من حيث أفاض الناس}[البقرة: ١٩٩] والكل أيضا لا يكون في لسان العرب إلا للموجود الذي يمكن مخاطبته بذلك الحكم، وما عدا ذلك فهو محمول على المجاز.
(تنبيه)
ينبغي أن تستحضر الفرق بين قوله تعالى:{يأيها الناس}[البقرة: ٢١] وبين قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت}[آل عمران: ٩٧] ونحوها مما لا نداء فيه، ولا خطاب، وبين قوله تعالى: {يا