قال الرازي: الأمة لم تفصل بين مسألتين، فهل لمن بعدهم أن يفصل بينهما؟
واعلم أن هذا يقع على وجهين:
أحدهما: أن يقولوا: لا فصل بين هاتين المسألتين في كل الأحكام، أو في الحكم الفلاني؟.
والآخر: ألا ينصوا على ذلك، لكن ما كان فيهم من فرق بينهما.
أما القسم الأول: فإنه لا يجوز الفصل بينهما، ثم إنه على ثلاثة أقسامٍ:
أحدها: أن تحكم الأمة في المسألتين بحكمٍ واحدٍ، إما بالتحليل أو بالتحريم.
وثانيها: أن يحكم بعض الأمة فيهما بالتحريم، والبعض الآخر بالتحليل.
وثالثها: ألا ينقل إلينا عنهم حكم فيهما، ففي هذه الصورة الثالثة، متى دل الدليل في إحدى المسألتين على تحليلٍ، أو تحريمٍ، وجب أن يكون الحال في الأخرى كذلك.
وأما القسم الثاني: فقيل فيه: إن علم أن طريقة الحكم في المسألتين واحدة؛ فذلك جار مجرى أن يقولوا: لا فصل بينهما، فمن فصل بينهما، فقد خالف ما اعتقدوه.
مثاله: من ورث العمة، ورث الخالة، ومن منع إحداهما منع الأخرى، وإنما جمعوا بينهما من حيث انتظامهما حكم ذوى الأرحام.