قال الرازي: وهو المعقول: أن القياس يفيد ظن دفع الضرر؛ فوجب جواز العمل به.
بيان الوصف: أن من ظن أن الحكم في الأصل معلل بكذا، وعلم أو ظن حصول ذلك الوصف في الفرع، وجب أن يحصل له الظن بأن حكم الفرع مثل حكم الأصل، ومعه علم يقينين بأن مخالفة حكم الله تعالى سبب العقاب، فتولد من ذلك الظن، وهذا العلم: ترك العمل به سبب للعقاب؛ فثبت أن القياس يفيد ظن الضرر.
بيان التأثير: أن العاقل يعلم ببديهة عقله: أنه لا يمكنه الخروج عن النقيضين ولا يمكنه الجمع بينهما، بل يجب، لا محالة: ترجيح أحدهما على الآخر، ونعلم بالضرورة، أن ترجيح ما غلب على ظنه خلوة على المضرة؛ على ما غلب على ظنه اشتماله على المضرة- أولى من العكس، ولا معنى لجواز العمل بالقياس إلا هذا القدر.
فإن قيل: دليلكم مبني على إمكان ما يدجل على أن الحكم في الأصل معلل بعلة؛ ثم على وجود ذلك الوصف في الأصل، ثم على إمكان ما يدل على حصول ذلك الوصف في الفرع، ثم على أنه يلزم من حصول ذلك الوصف في الفرع ظن حصول ذلك الحكم فيه؛ وتقرير هذه المقامات الخمس سيأتي في الأبواب الآتية، إن شاء الله تعالى.