للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تنبيه)

أكثر الإجماعات، بل الكل إلا اليسير منها جدًا إجماع الصحابة رضوان الله عليهم، وكانت الصحابة محصورين يعلم أحوالهم، وعددهم، قبل انتشارهم في أقطار الأرض، وتطرق الشك إلى اليسير من الإجماعات لا يبطل هذه المسألة، ولا يقدح فيها، بل في تلك المسائل الفروعية التي يدعى الإجماع فيها.

وقولنا بعد هذا: (إن إجماع أهل كل عصر حجة).

معناه: أن هذا شأنه إذا وجد، وكونه لم يعلم وجوده لا يقدح في دعوانا، ولا في صحتها.

قال التبريزي: (لا يشترط اتفاقهم في ساعة واحدة، بل لو وافق البعض البعض بعد سنين حصل الإجماع).

قال: وليس الكلام في الإحاطة بمذاهب الناس اليوم، مع اتساع خطة الإسلام، وانتشار الأئمة في الأقطار، وإنما الكلام في تصور الإحاطة بمذاهب أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في الجملة، وذلك ممكن، بل ظاهر في زمان الصحابة - رضوان الله عليهم - وهم صدر الأمة، وأعلام الأئمة، ومن يتصدى للفتوى ويراجع في الوقائع منهم معلومون مشهورون، تحويهم (مكة) و (المدينة)، ومخاليف (الحجاز)، ومن خرج منها بعد فتح البلاد، وتمصر الأمصار، لنقلة أو تجارة، أو رسالة، أو وقع في أمر معروفون مضبوطون، فيعرف مذهب الحاضر بالسماع والتحقيق، ومذهب الغائب بالرسائل، إما متوترًا، أو آحادًا، ومع قرائن تفيد القطع، ويحصل الأمن من رجوعه بأن يسند المخبرون عنه فتواه إلى زمانٍ عرفنا فيه موافقة غيره، فعند ذلك لا يقدح رجوعه في الإجماع، بعد انعقاده بتمام الموافقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>