قال الرازي: والدليل عليه: أن الواجب ما لا يجوز تركه، والجمع بينه وبين جواز الترك متناقض.
واعلم أن الخلاف في هذا الفصل مع طائفتين:
إحداهما: الكعبي وأتباعه؛ فإنه روي في كتب اصحابنا عنهم؛ أنهم قالوا:
المباح واجب؛ واحتجوا عليه بأن المباح ترك به الحرام، وترك الحرام واجب؛ فيلزم أن يكون المباح واجباً.
وجوابه: أن المباح ليس نفس ترك الحرام، بل هو شيء به يترك الحرام، ولا يلزم من كون الترك واجباً أن يكون الشيء المعين الذي يحصل به الترك واجباً، إذا كان ذلك الترك ممكن التحقيق بشيء آخر غير ذلك الأول.
وثانيتهما: ما ذكره كثير من الفقهاء من أن الصوم واجب على المريض، والمسافر، والحائض، وما يأتون به عند زوال العذر يكون قضاء لما وجب.
وقال آخرون: إنه لا يجب على المريض، والحائض، ويجب على المسافر وعندنا أنه لا يجب على الحائض، والمريض البتة.
وأما المسافر: فيجب عليه صوم أحد الشهرين: إما الشهر الحاضر، أو شهر آخر، وأيهما أتى به، كان هو الواجب؛ كما قلنا في الكفارات الثلاث.
ودليلنا ما تقدم: من أن الواجب هو الذي منع من تركه، وهؤلاء ما منعوا من