وكذلك "حتى" موضوعة للغاية، فهي مرادفة للغاية، ويصح التركيب مع لفظ الغاية، فتقول: الغاية في الشيء نهايته.
ولو قلت: حتى في الشيء نهايته، لم يكن كلاما عربيا، وكذلك جميع حروف المعاني مرادفة في جميع معانيها للأسماء، ولا يصح إقامتها مقام تلك الأسماء، لا في الإخبار عنها، ولا في الإخبار بها، فهذه كلها مثل معلومة لنا، يستغنى بها عن التقليد، والنطق بما لا نفهمه.
ومما يرد عليه في قوله: صحة التركيب من عوارض المعاني دون الألفاظ أن قولنا: في الدار رجل، تركيب صحيح، ورجل في الدر، غير صحيح عند العرب، مع أن المعنى لم يختلف عند السامع، وكذلك "إلى" وجميع حروف الجر تركب مع جميع الأسماء إلا "عند" فلا يدخل عليها من حروف الجر إلا "من"، فتقول: خرجت من عنده، ولا تقول: ذهبت إلى عنده، ولفظ "رب" من حروف الجر لا يركب إلا مع النكرات.
وتقول: كيف زيد؟ فيصح، ولو قلت: زيد كيف؟ لم يصح، وهو كثير في لسان العرب، وهو وإن لم يكن من باب المترادفات، غير أنه يرد على قوله: إن الصحة من عوارض المعاني دون الألفاظ، فهذه صحة من عوارض الألفاظ دون المعاني.
"سؤال"
قال النقشواني: تنظيره باللغتين غير سديد، فمن ادعى ذلك، فإنما ادعاه من لغة واحدة، والصحيح أن اللغة الواحدة يفصل فيها، فيقال: إن لم يكن المقصود إلا مجرد الفهم قام أحد المترادفين مقام الآخر، وإن كان المقصود قافية القصيد، وروى الشعر، وأنواع الجناس، والسجع، فلا يقوم أحدهما مقام الآخر؛ فإن إحداهما لا تكون فيه الحروف المجانسة لتلك اللفظة التي يقصد جناسها، ولا يكون [فيها] حرف الروى، ويكون جميع ذلك في اللفظ الآخر المرادف.