قال الرازي: في حد النسخ في اصطلاح العلماء: الذي ذكره القاضي أبو بكر، وارتضاه الغزالي رحمهما الله: أنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم، على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
وإنما اثرنا لفظ الخطاب، على لفظ النص؛ ليكون شاملا للفظ، والفحوى، والمفهوم، وكل دليل؛ إذ يجوز النسخ بجميع ذلك.
وإنما قلنا:" على ارتفاع الحكم الثابت ": ليتناول الأمر، والنهي، والخبر، وجميع أنواع الحكم.
وإنما قلنا:" بالخطاب المتقدم ": لأن ابتداء إيجاب العبادات في الشرع، يزيل حكم العقل من براءة الذمة، ولا يسمى نسخا؛ لأنه لم يزل حكم الخطاب.
وإنما قلنا:" لولاه لكان ثابتا ": لأن حقيقة النسخ الرفع، وهو إنما يكون رافعا، إذا كان المتقدم بحيث لولا طريانه لبقى.
وإنما قلنا:" مع تراخيه عنه ": لأنه لو اتصل به، لكان بيانا لمدة هذه العبادة، لا نسخا.
ولقائل أن يقول: هذا الحد مختل من وجوه:
أحدهما: أن الخطاب الدال على ارتفاع الحكم المتقدم ناسخ للحكم الأول،