فقولنا:(كلي) احتراز من العلم، و (مستو) احتراز من المشكك، واشتقاقه من التواطؤ الذي هو التوقف. قال الله تعالى:} إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله، زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين {] التوبة: ٣٧ [.
أي: يوافقوا عدد الشهور الحرم، في كونها أربعة، فيغيرون شهرا بشهر، ليعلموا الأربعة، فيوافقوا في العدد، وإن خالفوا في المعدود.
والمشكك هو اللفظ الموضوع لمعنى كلي، مختلف في محاله بجنسه. فقولنا:(كلي) احترازا من العلم، و (مختلف في محاله بجنسه) احترازا من المتواطئ، فإنه مختلف في محاله بغير جنسه، واشتقاقه من الشك؛ لأنه شك الناظر فيه، هل هو متواطئ أو مشترك؟ فمن حيث هو يطلق على المختلفات يشبه أن يكون مشتركا، ومن حيث مسماه واحد كلي يشبه أن يكون متواطئا فيحصل الشك؟ فسمي مشككا بكسر الكاف اسم فاعل.
قال السهروردى في (المطارحات): أسباب التشكيك ثلاثة:
أحدها: الكثرة والقلة، كلفظ النور كثر مسماه في الشمس، وقل في السراج.
وثانيها: إمكان التغير، واستحالته كالوجود، ويصدق على الوجود الواجب، وهو يستحيل عليه التغير، ويصدق على الوجود الممكن، وهو قابل التغير والزوال والعدم والفناء، فالوجود الواجب كالشمس، والممكن كالسراج.
] وثالثها: الاستغناء والافتقار كالوجود، فإنه يصدق على العرض المفتقر للمحل، وعلى الجوهر الغنى عن المحل، فالجوهر كالشمس، والعرض كالسراج [.