قال الرازي: المشهور من قول فقهائنا: أنه لو قال: " والله، لا آكل " فإنه يعم جميع المأكولات، والعام يقبل التخصيص، فلو نوى مأكولا دون مأكول، صحت نيته؛ وهو قول أبي يوسف.
وعند أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يقبل التخصيص، ونظر أبي حنيفة رحمه الله فيه دقيق:
وتقريره: أن نية التخصيص، لو صحت، لصحت: إما في الملفوظ، أو في غيره؛ والقسمان باطلان؛ فبلطت تلك النية.
وإنما قلنا: إنه لا يصح اعتبار نية التخصيص في الملفوظ؛ لأن الملفوظ هو الأكل، والأكل ماهيتة واحدة؛ لأنها قدر مشترك بين أكل هذا الطعام، وأكل ذلك الطعام، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز، وغير مستلزم له؛ فالأكل من حيث أنه أكل مغاير لقيد كونه هذا الأكل، وذاك، وغير مستلزم له، والمذكور إنما هو الأكل من حيث هو أكل، وهو بهذا الاعتبار ماهية واحدة، والماهية من حيث إها هي لا تقبل العدد؛ فلا تقبل التخصيص، بل الماهية إذا اقترنت بها العوارض الخارجية، حتى صارت هذا أو ذاك، تعددت؛ فهناك صارت محتملة للتخصيص، ولكنها قبل تلك العوارض لا تكون متعددة؛ فلا تكون محتملة للتخصيص.
فالحاصل أن الملفوظ ليس إلا الماهية، وهي غير قابلة للتخصيص.
فأما إذا أخذت الماهية مع قيود زائدة عليها، تعددت؛ وحينئذ تصير محتملة