للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بختنصر، والمنقول عندنا أن جمعًا منهم نحو الأربعين سلموا منه، وخرجوا إلى بعض الأقطار، ومثلهم يمكن أن يحصل به عدد التواتر؟ فقلت له: لا نسلم صحة هذا النقل، سلمناه؛ لكن لا يلزم من حصول هذا الجمع أن يكونوا في أنفسهم حافظين للتوراة، وفورع الشريعة، وقواعدها، فلعلهم من القوم الذين لا يعلمون شيئا، وإذا شككنا في حالهم، شككنا في التواتر، ويكفي في عدم الوثوق بأصل الشرائع الشك في بعض شروط التواتر، وهاهنا كذلك، فلا يمكن [أن يقال: إن] اليهود يثبتون بذلك تواتر شرعهم ابدا، ولا القطع بشيء من نصوصهم ألبتة، بل يصير الجميع مشكوكا فيه.

(فائدة)

ربما خطر بالبال أن بختنصر كيف يعدم بسببه اليهود، مع تفرقهم في أقطار الأرض، فالعادة تحيل ذلك، فاعلم أن اليهود من وقت خروجهم من (مصر) مع موسى عليه السلام وغرق فرعون، لم يسكنوا إلا في موضع واحد في (التيه) ثم انتقلوا بجملتهم للبيت المقدس، فوجدهم (بختنصر) هناك بجملتهم، وبقى بعده جماعة يسيرة، خرجوا مع دانيال عليه السلام إلى (مصر) فأخذهم بختنصر من (مصر) وقتلهم، وخرب إقليم (مصر).

قال ابن دحية في كتاب (النبراس في تاريخ بني العباس): فأقامت أرض (مصر) اربعين سنة، لم يزرع نيلها؛ لعدم بني آدم منها بالكلية، وليس فيها إلا العوافي، فهذا هو وجه السؤال على اليهود بواقعة (بختنصر) واليهود تسلم ذلك، ولا تنازع فيه، أعني عدم التفرق واجتماعهم أبدا في مكان واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>