قال الرازي: قوله تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة}[الحشر: ٢٠] لا يقتضي نفي الاستواء في جميع الأمور؛ حتى في القصاص؛ لوجهين:
الأول: أن نفي الاستواء أعم من نفي الاستواء من كل الوجوه، أو من بعضها، والدال على القدر المشترك بين القسمين لا إشعار فيه بهما.
الثاني: أنه: إما أن يكفي في إطلاق لفظ المساواة الا ستواء من بعض الوجوه، أو لابد فيه من الاستواء من كل الوجوه.
والأول باطل؛ وإلا لوجب غطلاق لفظ المتساويين على جميع الأشياء؛ لأن كل شيئين، فلابد وأن يستويا في بعض الأمور؛ من كونهما معلومين، ومذكورين، وموجودين، وفي سلب ما عداهما عنهما، ومتى صدق عليه المساوي، وجب أن يكذب عليه غير المساوي؛ لأنهما في العرف كالمتناقضين، فغن من قال: هذا يساوي ١ذاك، فمن أراد تكذيبة قال: إنه لا يساويه.
والمتناقضان لا يصدقان معا؛ فوجب ألا يصدق على شيئين ألبتة: أنهما متساويان، وغير متساويين، ولما كان ذلك باطلا، علمنا أنه يعتبر في المساواة المساواة من كل الوجوه؛ وحينئذ يكفي في نفي المساواة نفي الاستواء؛ من بعض الوجوه؛ لأن نقيض الكلي هو الجزئي.
فإذن: قولنا: (لا يستويان) لا يفيد نفي الاستواء؛ من جميع الوجوه، والله أعلم.