قوله:(القرآن هو الذي يطلق عليه أنه منزل من عند الله تعالى):
تقريره: أن لفظ التنزيل اشتهر في القرآن في عرف الاستعمال، وإلا فالسنة أيضًا وحي منزل؛ لقوله تعالى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}[النجم: ٣، ٤].
وقال بعض السلف:(اشتغلت بالقرآن سنة، وبالوحي سنتين) يريد بالوحي الأحاديث النبوية.
(فائدة)
أشكل على جمع كثير معنى قوله تعالى:{وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}[المائدة: ٦٧]، ويوردونه على الفضلاء.
ومعناه: وإن لم تفعل بمقتضى ما بلغت، فأنت في حكم غير مبلغ؛ كقولك لطالب العلم: إن لم تعمل بما عملت، فأنت لم تتعلم شيئًا، أي: أنت في حكم الجاهل، بل لعل الجاهل أفضل منك؛ لأن الحجة قائمة بحصول العلم أكثر، وهذا بناء على قاعدة العرب، وهي نفي الشيء لنفي ثمرته، كما قال تعالى:{فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم}[التوبة: ١٢] فنفى أيمانهم؛ لعدم حصول المقصود منها، وهو التوثقة.
وقال الشاعر:[الطويل]
وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها فليس لمخضوب البنان يمين
وقال تعالى:{صم بكم عمي}[البقرة: ١٨] نفى عنهم الحواس؛ لنفي الانتفاع بها، ومنه قوله تعالى:{وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}[الملك: ١٠] مع أنهم كانوا يسمعون ويعقلون، وهو كثير جدًا، فمعنى الآية الحض على العمل، وأنه بمثابة إذا لم يوجد العمل، يصير- عليه السلام- بمنزلة غير المبلغ؛ مجازًا؛ كما تقدم.