قلنا: مالك يمنع ذلك، وإن كان يقول: يحد في السرقة، والفرق عندها: أنها من باب التظالم بخلاف الزنا، فيمكن للمستدل أن يذكر مطلق الحد.
قوله:" إذا تناوله النهي تناوله الأمر؛ لأن الجامع كونه متمكنا في استيفاء المصلحة ".
تقريره: أن الأوامر والنواهي زواجر شرعية لما في ضمنها من الوعيد، وذلك يحث على فعل المصالح والأوامر، وترك المفاسد والنواهي، وفهذا الحث الناشئ عن ذلك يزيد في داعية المكلف، ويمكنه من القسمين.
(سؤال)
قال الشافعي رحمه الله: أحد الحنفي وأقبل شهادته؛ لأن التأديبات تتبع المفاسد لا المعاصي، بدليل ضرب الصبيان والبهائم؛ استصلاحا لهم من غير معصية، ومن هنا نشأ الفرق بين النواهي والأوامر، فيقول الخصم: إنما أقيمت عليهم الحدود استصلاحا لهم، وهذا عهد في الشرع في درء المفاسد، وأما المصالح فلم يعهد فيها ذلك، ويمكن أن يقال: الصبي يضرب للصلاة، والبهيمة بحسن المشي والأدب، وهذه مصالح.
قوله:" الكافر يمكنه الانتهاء عن المنهيات، ولا يمكنه الإتيان بالمأمورات ".
قلنا: هذا الموضع من السؤال جوابه، ونحوهما يدلك على أن المدرك في المنع إنما هو عدم التصديق بتلك الفروع، وترد الأسئلة التي في أول المسألة، ولو كان المدرك هو أن الشرع لم يعتبر أعمالهم مع الكفر؛ لبغضهم به وعدم صلاحيتهم للخطاب بالطاعات، كما قال في حق الحائض: إنها بسبب ما قام بها من الدم المستقذر لم تؤهل للتشريف بالتكليف، فلو كان هذا هو المدرك في عدم الخطاب بالفروع لم يكن لذكر هذه الأسئلة معنى، ولا التفرقة بين الأوامر والنواهي معنى أيضاً