قوله:" استوت المأمورات والمنهيات في أن الإتيان بها من حيث الصورة ممكن، وافتقارهما إلى النية في كونهما قرينتين، فيستويان مطلقاً فلا فرق ".
قلنا: بقي فرق، وهو أن النهي يسقط المؤاخذة عن الذي خوطب به بمجرد تركه من غير نية، بل صورة الترك كافية لا تسقط المؤاخذة في المأمورات عن المأمور بصورة الفعل، بل يبقى مؤاخذا حتى يأتي بالصورة منوية، وجميع أوضاعها الشرعية.
قوله:" لو وجبت الصلاة لوجبت إما حال الكفر أو بعده، والقسمان باطلان، أما حال الكفر فلأن الفعل ممتنع، والممتنع لا يكون مأمورا به ".
قلنا: لا يلزم من وجوبها حال الكفر إيقاعها حال الكفر؛ لأن زمن الكفر ظرف للإيجاب لا لإيقاع الواجب، فلو قلنا: إنه ظرف للوجوب، وإيقاع الواجب معا اتجه السؤال لكنا لا نقول: إن زمن الكفر ظرف إلا للوجوب فقط، والفرق بين كون زمن الكفر ظرفا للوجوب، وبين كونه ظرفا لإيقاع الواجب، كما تقول في زمن الحدث: وهو ظرف لإيجاب الصلاة لا لإيقاع الصلاة، بل الواجب ثابت الآن بأن يزيل المانع، ويفعل الصلاة في الزمن الكائن بعد الحدث، كذلك - هاهنا - الإيجاب وحده هو الثابت زمن الكفر، فتأمل هذا الفرق فربما عسر على جماعة.
قوله:" فائدة الخلاف إنما تظهر في الآخرة في زيادة العقاب ".
قلنا: قد بينا أنه يظهر في الأحكام الدنيوية، ثم إن الخصم ذكر أن الوجوب إما أن يثبت في حالة الكفر، أو في حالة الإيمان، وبينا بطلان القسمين فهذا الواجب حينئذ إنما يتجه إذا قلتم: الوجوب منفي مطلقا حالتي الكفر والإيمان، وإنما المقصود زيادة العقاب، وهذا كيف يتصور التزامه؟
وكيف يعتقد عقاب في الآخرة مع عدم الوجوب في الدنيا؟