الوجه الثاني: وهو الذي عول عليه المتقدمون في القدح، قالوا: الاطراد وحده ليس طريقا إلى علية الوصف بالاتفاق، وأما الانعكاس: فإنه غير معتبر في العلل الشرعية، وإذا كان كل واحد منهما لا يدل على العلية، كان مجموعهما أيضا كذلك.
والجواب عن الأول: أن ذلك إنما يقدح في قول من يقول: الدوران وحده يوجب ظن العلية، ونحن لا نقول به، بل ندعي: أن الدوران يفيد ظن العلية بشرط ألا يقوم عليه دليل يقدح في كونه علة، وإذا لخصنا الدعوى على هذا الوجه، سقط ما ذكرتموه من الاستدلال.
وعن الثاني: لم قلت: إن كل واحد منهما، لما لم يفد ظن العلية، وجب في المجموع أن يكون كذلك؟ فإنا نعلم أن حال المجموع قد يكون مخالفا حال كل واحد من أجزائه.
الفصل السادس
في الدوران
قال القرافي: قوله: (غير هذا الوصف إما أن يكون موجودا قبل الحكم، فيلزم تخلف الحكم عن علته، وهو خلاف الأصل، أو غير موجود، فالأصل بقاؤه على العدم):