قال الرازي: إذا قال الله تعالى: (افعلوا هذا الفعل أبدًا)، يجوز نسخه؛ خلافًا لقوم.
لنا وجهان:
الأول أن لفظ التأبيد في تناوله لجميع الأزمان المستقبلة كلفظ العموم في تناوله لجميع الاعيان، فإذا جاز أخد التخصيصين، فكذا الثاني؛ والجامع هو الحكمة الداعية إلى جواز التخصيص.
الثاني: أن شرط النسخ: أن يرد على ما أمر به على سبيل الدوام، والتابيد لا يدل إلا على الدوام، فكان التأبيد شرطًا لإمكان النسخ، وشرط الشيء لا ينافيه.
احتجوا بأمرين:
الأول: أن قوله: (افعلوا أبدًا)، قائم مقام قوله:(افعلوا في هذا الوقت، وفي ذلك، وذاك) إلى أن يذكر الأوقات كلها، ولو ذكر على هذا الوجه، لم يجز النسخ، فكذا إذا ذكر بلفظ التأبيد.
الثاني: لو جاز نسخ ما ورد بلفظ التأبيد، لم يكن لنا طريق إلى العلم بدوام التكليف.
والجواب عن الأول: أن ذلك يمنع من النسخ كله؛ لأن المنسوخ لا بد من كونه لفظًا يفيد الدوام: إما بصريحه، وإما بمعناه، ثم إنه ينتقض بإنه يجوز أن يقال:(جاءني الناس إلا زيدًا) ولا يجوز: (جاءني زيد، وعمرو، وبكر) و (ما جاءني زيد).