وينبغي أن يعلم أن الجواز في هذه المسألة أعم من الإباحة الشرعية المفسرة باستواء الطرفين لاندراج الندب أيضاً فيها؛ فإن مجموع نفي الحرج عن الفعل والترك يصدق على القسمين، والكراهة لا تأتي؛ لأن مجرد مرجح الترك لم يوجد.
قوله في الجواب عن السؤال:"لا أدعي المفرد من حيث هو مفرد، بل من حيث هو داخل في المركب".
قلنا: هذا الجواب لا يدفع السؤال؛ لأن قول السائل:" لما قلت: إن اللفظ اقتضاء الأجزاء حالة الانفراد يصدق بظن تعين أحدهما أن اللفظ لا يدل عليها بطريق الانفراد، وهذا يندفع بجوابكم، ويصدق بطريق آخر، وهو أن اللفظ إذا دل على مركب من جزئين، ثم دل الدليل على عدم أحدهما لا يلزم أن ينفي الجزء الآخر؛ لأن المركب قد يكون أحد جزئه شرطا في الجزء الآخر، كما إذا صدق أن في المحل مجموع معنيين: أحدهما علم، والآخر قد يكون أحد جزئيه شرطاً في الجزء الآخر، ثم دل الدليل على عدم الحياة، فإنه يستحيل بقاء الجزء الآخر الذي هو العلم، وكذلك المركب من الجواهر والأعراض إذا دل الدليل على عدم الجواهر، فإنه يتعذر بقاء الأعراض، ونظائره كثيرة، فقد يدل لفظ على مركب من جزءين، ولا يدل على بقاء أحدهما بعد ذهاب الآخر، فعلى هذا الوجه لا يكون الجواب دافعاً للسؤال، وما تعين القسم الأول مراداً للسائل.
قوله: "والماهية المركبة يكفي في زوالها زوال أحد قيودها ".
قلنا: مسلم فلم قلتم: إن ذلك الجزء المرتفع هو تحتم الفعل؟ ولم لا يجوز أن يكون هو جواز الفعل؟
وتقريره: أن الماهية المركبة إذا صدق نفيها يكفي في ذلك أي جزء كان من أجزائها، وليس لأحد أن يعين لنفي العشرة جزءا معينا، بل كل جزء يصلح لعدم الماهية المركبة، فلم جزمتم - هاهنا - بتعين هذا الجزء للانتفاء؟