للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحث يكون الحصر الأول عقليا، والثاني لغويا يتوقف على النقل، فتأمل هذا الموضع.

العاشرة: ينبغي أن تعلم أن كل قضية فيها حصر لا يمكن أن تجعل مقدمة في دليل من حيث هدا ذات حصر؛ لأن الحصر معناه أن هذا المحمول ثابت لهذا الموضوع، ومسلوب عن غيره، فهي في قوة قضيتين، ولا بد معها من مقدمة أخرى، والدليل لا يتركب عن ثلاث مقدمات.

فإذا قلت: إنما الحيوان حساس، وكل حساس جسم ينتج: كل حيوان جسم، لكن يشترط أن يعتبر الثبوت دون السلب حتى يبقى معناه: الحيوان حساس، ويعوض عن السلب عن غير الحيوان؛ لئلا تصير ثلاث مقدمات، ولا قياس عن ثلاث مقدمات، ولأن صغرى الشكل الأول يجب أن تكون موجبة، فهذه القضية السالبة التي هي شرط الحصر، لا يصلح أن تكون فيه، وبهذا التمهيد أجاب الفضلاء عن قول القائل: الإنسان وحده ضاحك، وكل ضاحك حيوان ينتج: الإنسان وحده حيوان، وهو باطل، فقالوا: قولك: الإنسان وحده قضيتان؛ لأن معناهما: هو ضاحك، وغيره غير ضاحك، وصغرى القياس لا تكون قضيتين، ولا سالبة في الشكل الأول.

(تنبيه)

القول بأن الحصر يدل على السلب بطريق المفهوم يتوقف على أن (ما) في (إنما) ليست للنفي، بل المجموع وضع لثبوت الحكم للمنطوق، وسلبه عن المسكوت.

وإذا قلنا: إنها للنفي كان النفي مدلولا مطابقة لا مفهوما بطريق الالتزام؛ لأن دلالة المفهوم من باب دلالة الالتزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>