استقرار المذهب، وأما حال الطلب، فالخصم لا يسلم جواز السكوت، إلا عن الرضا، سواء كان مع الحاكم، أو مع غيره، والله أعلم.
القسم الثالث
(فيما أدخل في الإجماع وليس منه)
قال القرافي: قوله: (مذهب الشافعي ليس إجماعًا، ولا حجة على آخره):
تقريره: أنه لما كان السكوت محتملا للمخالفة وغيرها، لم يبق إلا قول البعض، وهو ليس بإجماع ولا حجة.
وقال الجبائي: إجماع وحجة؛ لأن السكوت دليل الرضا، فالمنطوق به قول الكل، فيكون إجماعًا وحجة.
وقال أبو هاشمٍ: ليس بإجماع ألبتة، لأن السكوت لا يقوم مقام النطق؛ فلا يكون إجماعًا، وهو يفيد ظنًا قويًا؛ فيكون حجة لذلك.
وقال ابن أبي هريرة: إن كان القائل حاكمًا لم يكن إجماعًا ولا حجة، وإلا فإجماع وحجة؛ لأن الحاكم كثير الفحص عن رعيته، فيعلم من الأسباب، والأحوال ما لم يطلع عليه غيره.
فربما كان ظاهر حكمه على خلاف الإجماع؛ لأجل ما خفي عن غيره، وهو حق، فهو يعتمد في حكمه أسبابًا وأحوالا، ومدارك شرعية.
وربما أداة إلى ترجيح ما هو مرجوح في غير هذه الصورة، وأما غير الحاكم فلا يحكم إلا بالأدلة الشرعية فقط.
وغيره يشاركه في ذلك، فلو أخطأ لرد عليه غيره، ويتعدد الرد في حق الحاكم؛ لتعدد جهات حكمه.