للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(تنبيه)]

قال التبريزي: هذه المواطن التي صرح الصحابة فيها بالرأي، ما خاضوا فيها إلا بعد اعترافهم بعد النص، واتفاقهم على العجز عنه؛ ولأنهم رددوا الرأي بين الصواب والخطأ على وجل واستشعار، وأضافوا الخطأ لأنفسهم، والصواب إلى الله تعالى، ولم تجز عادتهم بمثل ذلك في النصوص، بل يطلقون الحكم ويسندونه للنص، ويشنعون على مخالفيهم بالتقصير.

ومن أبلغ الوقائع استفتاء عمر- رضي الله عنه- في مسألة المغيبة؛ فإنها تدل على أن عمر والصحابة- رضوان الله عليهم- اعتقدوا كون القياس حجة.

أما الصحابة، فلأنهم شرعوا يعللون لا مستمسكين بنص؛ فإن انتفاء الضمان على الوالي، والمؤدب، ليس منصوصًا عليه، ولو كان لاعتصموا به في موضع التخطئة، وعرفه عمر، فاستغنى عن المشاورة.

وأما عمر؛ فلأنه أصغى إليهم مع أنهم لم يسندوه إلى نص، ولم يقل: إنه شرع بالتشهي كما يقوله من يخالفنا بالقياس.

وأما علي- رضي الله عنه- فلأنه لم ينكر أصل الرأي كما رد الحكم؛ ولأنه علل بقوله: (أنت أفزعتها)، والإفزاع ليس منصوصًا عليه، ولا متدرجًا تحت نص في تضمين الجنين على من أفرغ أمة، ولا يفهم من تضمينه على من ضرب بطن أمة، تضمينه على من أفزعها، بل رأي أن الإفزاع في معنى الضرب؛ لاشتراكهما في السببية، وصلاحيته للإفضاء إلى الإلقاء، وإن كان أحدهما قولاً والآخر فعلاً، وإن تقاربا في غلبة الإفضاء وندرته؛ لأن المعتبر قرب الإفضاء لا الظهور البالغ، وكونه مؤدبًا غايته أنه مؤثر في جواز الفعل، وجوازه لا ينافي الضمان كأكل مال الغير عند المخمصة، ورأي

<<  <  ج: ص:  >  >>