قال الرازي: قوله تعالى:} كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر {[آل عمران: ١١٠] ولام الجنس تقتضي الاستغراق؛ فدل على أنهم أمروا بكل معروف، ونهوا عن كل منكرٍ، فلو أجمعوا على خطأ قولا، لكان قد أجمعوا على منكر قولا، ولو كانوا كذلك، لكانوا آمرين بالمنكر، ناهين عن المعروف، وهو يناقض مدلول الآية.
فإن قيل: الآية متروكة الظاهر؛ لأن قوله:} كنتم خير أمة {خطاب معهم، وهو يقتضي اتصاف كل واحد منهم بهذا الوصف، والمعلوم خلافه؛ فثبت أنه لا يمكن إجراؤها على ظاهرها، فنحملها على أن المراد من الأمة بعضهم، وعندنا أن ذلك البعض هو الإمام المعصوم.
سلمنا: أنه يمكن إجراء الآية على ظاهرها؛ لكن لا نسلم أنهم كانوا يأمرون بكل معروفٍ؛ لما مر في باب العموم: أن المفرد المعرف لا يفيد الاستغراق.
سلمنا العموم؛ لكن الآية تقتضي اتصافهم بالأمر بالمعروف في الماضي، أو الحاضر؟
الأول مسلم، والثاني ممنوع؛ فلم قلتم بأنهم بقوا على هذه الصفة في الحال؟
فإن قلت: لأن هذه الآية خرجت مخرج المدح لهم في الحال، ولا يجوز أن يمدح إنسان في الحال بما فعله من قبل، إذا عدل عنه إلى ضده، فإن الناهي عن المنكر، إذا صار أمرًا به، استحق الذم.
قلت: لا نسلم أن هذه الآية خرجت مخرج المدح؛ ولم لا يجوز أن يقال: