للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأصمعي: (ما كنت أعرف الدهاق، حتى سمعت جارية بدوية تقول: اسقني دهاقا، أي: ملآنا).

فهاهنا استدلوا بالاستعمال على الحقيقة، فلولا أنهم عرفوا أن الأصل في الكلام الحقيقة، وإلا لما جاز لهم ذلك.

وخامسها: لو لم يكن الأصل في الكلام الحقيقة، لكان الأصل إما أن يكون هو المجاز، وهو باطل بإجماع الأمة، أو لا يكون واحد منهما أصلا؛ فحينئذ يتردد كل كلام الشارع بين أمرين، فيصير الكل مجملا، وهو باطل بالإجماع.

ويلزم أن يصير كل متكلم به في العرف مجملا؛ لتردد تلك الألفاظ بين حقائقها ومجازاتها، ولو كان الكل مجملا، لما فهمنا المراد في شيء من الألفاظ، إلا بعد الاستفسار، وطلب تعيين المراد، ولما كان ذلك باطلا، علمنا أن الأصل في الكلام الحقيقة.

فرع:

إذا دار اللفظ بين الحقيقة المرجوحة، والمجاز الراجح، فأيهما أولى؟

فعند أبي حنيفة - رضي الله عنه -: الحقيقة المرجوحة أولى.

وعند أبي يوسف - رحمه الله -: المجاز الراجح أولى.

ومن الناس من قال: يحصل التعارض؛ لأن كل واحد منهما راجح على الآخر من وجه، ومرجوح من وجه آخر؛ فيحصل التعارض.

قال القرافي: اعلم أن المجاز المفرد أن ينقل الاسم المفرد عن المعنى المفرد إلى معنى مفرد فأكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>