وسابعها: التعليل بالعلة المفردة أولى من التعليل بالعلة المركبة؛ لأن الاحتمال في المفردة أقل مما في المركب؛ لأن المفرد لو وجد، لوجد بتمامه، ولو عدم، لعدم بتمامه، وأما المركب، فليس كذلك؛ لأن المركب من قيدين فقط يحتمل في جانب الوجود احتمالات ثلاثة، وهي أن يوجد الجزء بدلاً عن ذالك، وذاك بدلاً عن هذا، ويوجد المجموع. وكذا القول في جانب العدم المركب من قيود ثلاثة، يوجد فيه احتمالات سبعة في طرف الوجود، وسبعة في طرف العدم؛ ومعلوم أن ما كان الاحتمال فيه أقل، كان أولى، فهذه جملة التراجيح العائدة إلى ماهية العلة.
القسم الرابع
"في ترجيح الأقيسة"
قال القرافي: قوله: (الترجيح بالشبه بالعقل، وقلة الاختلاف ضعيف جدًا":
تقريره: أن الشرائع ليست ناشئة عن العقل، فلا تكون فرعًا له، حتى يقول: كل ما كان أشبه بالأصل كان أرجح، وإنما يتجه ذلك على قاعدة المعتزلة في أن أصل الشرائع العقل بالتحسين والتقبيح.
قوله: (العدم أولى من الحكم؛ لأنه أشبه بالأمور الحقيقية":
تقريره: أن النقيضين العدم والوجود.
العدم والوجود معلومان حقان، يقع أحدهما عند انتفاء الآخر، ولذلك يستحيل ارتفاعهما، فهما محققان.
فالعدم محقق بهذا الطريق، لا أنه وجودي، وإذا كان محققًا، وليس معلولاً، فيقدم على الحكم؛ لأن شأنه أن يكون معلولاً، وشأن المعلول ألا يكون علة.