للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم لا يظن به قصد التسوية، فلا ينصرف الوهم لذلك ألبتة، فلم يكن في نطقه بذلك مفسدة، بخلاف الشاعر.

وقال الشيخ تقي الدين بن رزين: كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جملة واحدة فيكره لغة إقامة الظاهر فيها مقام الضمير، فلذلك حسن الجمع، وكلام الشاعر جملتنا لا يكره إقامة الظاهر فيهما مقام الضمير.

(قاعدة)

الترتيب له سببان: أداة لفظية كـ (الفاء)، و (ثم)، وطبيعة زمانية؛ لأن الزمان مرتب بالطبع، فيستحيل وقوع أول النهار آخره، وآخره أوله، ولا يقع الزمان إلا مرتبا، الماضي قيل الحاضر، والحاضر قبل المستقبل، والأفعال متوزعة على أجزاء الزمان، فكل فرد من أفراد الزمان فيه جزء من الفعل، والواقع في المرتب مرتب، فيصير القول والفعل مرتبًا؛ لأنهما وقعا في الزمان المرتب، فالنطق الواقع في الزمان المتقدم متقدم على النطق الواقع في الزمان المتأخر، فهذا ترتيب نشأ على طبيعة الزمان، لا على أداة لفظية، وهذا هو السر في قول العلماء: إن التقديم في النطق دليل الإهتمام في المقدم، ويتأخر الأهم في المدح والذم والامتنان فذمه -عليه السلام- للشاعر إنما كان لكونه عدل عن التقديم، والترتيب الناشئ عن الزمان لا لكونه لم يترتب بالواو، بل لكونه لم يترتب بالزمان، ويقدم النطق بالأهم في الزمان المتقدم، فنحن نسلم لهم أن الشاعر لو عطف رتب لأجل (الواو)، أو لأجل الزمان المتقدم، الأول ممنوع، والثاني: مسلم، فهذا هو الفرق بين ما أمر به عليه السلام، لا ما ذكروه، وهو الجواب على قول عمر رضي الله عنه: لو قدمت الإسلام لأجزتك، وعن قول الصحابة رضوان الله عليه: إن الله تعالى قدم

<<  <  ج: ص:  >  >>