فإن قلت: ما ذكرته معارض بشيء آخر وهو أنه إذا ثبت النقل، فهم كل أحد مراد المتكلم؛ بحكم الوضع؛ فلا يبقي خلل في الفهم.
وفي المجاز إذا خرجت الحقيقة، فربما خفي وجه المجاز، أو تعدد طريقه، فيقع خلل في الفهم!!
قلت: ما ذكرتموه يعارضه شيئان آخران:
أحدهما: أن الحقيقة تعين على فهم المجاز؛ لأن المجاز لا يصح إلا إذا كان بين الحقيقة والمجاز اتصال، وفي صورة النقل، إذا خرج المعنى الأول لقرينة، لم يتعين اللفظ للمنقول إليه، فكان المجاز أقرب إلى الفهم من هذا الوجه.
الثاني: أن في المجاز ما ذكرنا من فوائد، وليس في النقل ذلك، فكان المجاز أولى.
المسألة السادسة: إذا وقع التعارض بين النقل والإضمار، فالإضمار أولى؛ والدليل عليه ما ذكرناه في أن المجاز أولى سواء بسواء.
المسألة السابعة: إذا وقع التعارض بين النقل والتخصيص، فالتخصيص أولى؛ لأن التخصيص خير من المجاز؛ على ما سيأتي، والمجاز خير من النقل على ما تقدم، فالتخصيص خير من النقل.
المسألة الثامنة: إذا وقع التعارض بين المجاز والإضمار، فهما سواء؛ لأن واحد منهما يحتاج إلى قرينة تمنع المخاطب عن فهم الظاهر.
وكما يتوقع وقوع الخفاء في تعيين المضمر، كذلك يتوقع وقوع الخفاء في تعيين المجاز.