قال الرازي: اختلفوا في أنه، هل يجوز انعقاد الإجماع، بعد إجماع على خلافه؟.
ذهب أبو عبد الله البصري إلى جوازه؛ لأنه لا امتناع في إجماع الأمة على قول، بشرط ألا يطرأ عليه إجماع آخر، ولكن أهل الإجماع، لما اتفقوا على أن كل ما أجمعوا عليه، فإنه واجب العمل به في كل الأعصار- فلا جرم أمنا من وقوع هذا الجائز.
وذهب الأكثرون إلى أنه غير جائز؛ لأنه يكون أحدهما خطأ؛ لا محالة، وإجماعهم على الخطأ غير جائز، والقول الأول عندنا أولى.
المسألة الثالثة
(جواز الإجماع بعد الإجماع)
قال القرافي: قوله: (وجوازه أولى):
تقريره: إنما قالها الجمهور من لزوم أن أحدهما خطأ لا يلزم؛ لاحتمال أن ينزل الله- تعالى- نصوصا، ويقدم الإجماع الأول بعضها على بعض بالمناسبة للقواعد، ويكون ذلك مدرك الترجيح في ذلك العصر، وفي العصر الثاني تتغير المصالح لأجل أحوال ذلك القرن، فتتعين مصالحهم، فيرجح القرن الثاني النصوص الأخر، ويكون الكل صوابا تابعا للمصالح الشرعية؛ بناء على أن الشرائع كلها حكم ومصالح.