زوالهما على وفق الأصل، والبر المتأيد بموافقة الأصل راجح على الواقع على خلاف الأصل.
الخامس: النافي للحد مقدم على المثبت له؛ عند بعض الفقهاء، وأنكره المتكلمون.
وجه الأول من وجوه:
أحدها: أن الحد ضرر؛ فتكون شرعيته على خلاف الأصل، والنافي له على وفق الأصل؛ فيكون النافي له راجحا.
وثانيها: أن ورود الخبر في نفي الحد، إن لم يوجب الجزم بذلك النفي، فلا أقل من أن يفيد شبهة فيه، إذا حصلت الشبهة، سقطت الحدود؛ لقوله- عليه الصلاة والسلام-: (ادرءوا الحدود بالشبهات).
وثالثها: إذا كان الحد يسقط بتعارض البينتين مع ثبوته في أصل الشرع، فلأن يسقط بتعارض الخبرين في الجملة، ولم يتقدم له ثبوت- أولى.
(القول في الترجيح بالحكم)
قال القرافي: قوله: (لو جعلنا المبقى متقدما على الناقل، لكان واردا حيث لا يحتاج إليه):
تقريره: إنه يريد بالتقدم في التاريخ والزمان، وإن الناقل ورد بعده، فيتقدم على رأي الجمهور.
وإذا ورد بعد الناقل يكون ناسخا للإباحة، والنسخ لا يعلم إلا من جهة الشرع، فكان أولى عندهم عنده على العكس، ورد الناقل أولا، فرفع البراءة الأصلية، ثم ورد المقرر للنسخ، فرفع التحريم أو الوجوب، فأفاد كل دليل أنشئ عن عقلي، فكان أولى، وعليه ينبني بحث النسخ مرة أو مرتين.