إذا اختلفتم في الحقائق، فحكموا الحدود، فمن لا يعلم صحة الضابط من سقمه، لا يعرف كيف يستضيئ به، والمجتهد يحتاج في كل حكم لذلك؛ لأن الذي يجتهد فيه إن كان حقيقة بسيطة، فلا يضبطها إلا الحد، وإن كان الذي يجتهد فيه تصديقًا ببعض الأمور الشرعية، وكل تصديق، فهو مفتقر لتصورين، فيحتاج لمعرفة ذينك التصورين بضابطهما، فهو محتاج للحد كيف اتجه في اجتهاده.
وشرائطه معلومة في علم المنطق: وهو وجوب الاطراد، والانعكاس، وألا يحد بالأخفى، ولا بالمساوي في الخفاء، ولا بما لا يعرف المحدود إلا بعد معرفته، وألا يأتي باللفظ المجمل، ولا بالمجاز البعيد، وأن يقدم الأعم على الأخص.
وأما شرائط البرهان: فيحتاج إليها؛ لأن المجتهد لابد له من دليل يدله على الحكم قطعي، أو ظني، وكل دليل فله شروط محررة في علم المنطق، متى أخطأ شرطًا منها، فسد عليه الدليل، وهو يعتقده صحيحًا، وتلك الشروط تختلف بحسب موارد الأدلة، وضروب الأشكال القياسية، وبسط ذلك في علم المنطق.
(تنبيه)
قال التبريزي: يكفي من النحو واللغة الذي يحصل الفهم من مقاصد الكلام دون التغلغل في مشكلات سرائره.
وحصر الغزالي المحتاج إليه في خمسمائة مشكل؛ لأن العلم بحصر دلائل الأحكام يتوقف على جميع استقراء جمل الكتاب والسنة، وفهم مقاصدها، فكيف يجوز له الاقتصار على بعضها؟، وكيف يأمن أن يكون وراء ما