للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: إذا قال صاحب الشرع: " جعلت الفعل دليلا "، صار دليلا، كما إذا قال: " جعلته سببا "، فإنه يكون سببا حقيقة.

المسألة الثالثة

قال الرازي: قال القاضي أبو بكر رحمه الله: النسخ رفع، ومعناه: أن خطاب الله تعالى تعلق بالفعل، بحيث لولا طريان الناسخ لبقى، إلا أنه زال؛ لطريان الناسخ.

وقال الأستاذ أبو إسحاق رحمه الله: إنه بيان، ومعناه: أن الخطاب الأول انتهى بذاته في ذلك الوقت، ثم حصل بعده حكم آخر.

والمثال الكاشف عن حقيقة هذه المسألة: أن من قال ببقاء الأعراض، قال: الضد الباقي يبقى لولا طريان الطارئ، ثم إن الطارئ يكون مزيلا لذلك الباقي.

ومن قال بأنها لا تبقى، قال: الضد الأول ينتهي بذاته، ويحصل ضده بعد ذلك، من غير أن يكون للضد الطارئ أثر في إزالة ما قبله؛ لأن الزائل بذاته لا يحتاج إلى مزيل.

وإذا ظهر هذا التمثيل، عادت الدلائل المذكورة في تلك المسألة إلى هذه المسألة نفيا وإثباتا، فنقول: احتج المنكرون للرفع بوجوه:

الحجة الأولى: أنه ليس زوال الباقي بطريان الطارئ أولى من اندفاع الطارئ لأجل بقاء الباقي، فإما أن يوجدا معا، وهو محال بالضرورة، أو يعدما معا

<<  <  ج: ص:  >  >>