لنا أن دخول هذه القبائح في الوجود إما أن يكون على سبيل الاضطرار أو على سبيل الاتفاق وعلى التقديرين فالقول بالقبح العقلي باطل.
بيان الأول: أن فاعل القبيح، إما أن يكون متمكنا من الترك، أولا يكون، فإن لم يتمكن من الترك، فقد ثبت الاضطرار، وإن تمكن من الترك، فإما أن يتوقف رجحان الفاعلية على التاركية على مرجح، أو لا يتوقف، فإن توقف فذلك المرجح إما أن يكون من العبد، أو من غيره أو لا منه ولا من غيره:
أما القسم الأول، وهو: أن يكون من العبد فهو محال لأن الكلام فيه كما في الأول فيلزم التسلسل.
وأما القسم الثاني، وهو: أن يكون من غير العبد فنقول عند حصوله ذلك المرجح إما أن يجب وقوع الأثر أو لا يجب:
فإن وجب، فقد ثبت الاضطرار، لأن قبل وجود هذا المرجح كان الفعل ممتنع الوقوع، وعند وجوده صار واجب الوقوع، وليس وقوع هذا المرجح بالعبد ألبتة فلم يكن للعبد تمكن في شيء من الأحوال من الفعل والترك ولا معنى للاضطرار إلا ذلك.
وإن لم يجب، فعند حصول هذا المرجح لا يمتنع وجود الفعل تارة وعدمه أخرى فترجح جانب الوجود على جانب العدم، أما أن يتوقف على انضمام مرجح إليه أو لا يتوقف فإن توقف لم يكن الحاصل قبل ذلك مرجحا تاما وكنا قد فرضناه مرجحا تاما هذا خلف.
وأيضا: فالكلام في هذه الضميمة كما في الأول فيلزم التسلسل وهو محال.