اعلم أن الحكم الملتزم إثباته: إما أن يكون عدميا، أو وجوديا: فإن كان عدميا أمكن أن يذكر فيه عبارات:
إحداها: أن يقال: هذا الحكم كان معدومًا، وذلك يقتضي ظن بقائه على العدم؛ والعمل بالظن واجب.
إنما قلنا:(إنه كان معدومًا) لأن المحكوم عليه كان معدومًا في الأزل؛ فوجب ألا يكون الحكم ثابتًا في الأزل؛ لأن ثبوت الحكم من غير ثبوت المحكوم عليه عبث وسفه؛ وهو غير جائزٍ على الله تعالى.
فإن قلت:(فهذا يقتضي أن يكون كلام الله تعالى حادثًا):
قلت: لا نسلم؛ لأن المراد من الحكم كون الشخص مقولاً له:(إن لم تفعل هذا الفعل، في هذه الساعة، عاقبتك) ومن المعلوم بالضرورة أن هذا المعنى لم يكن متحققًا في الأزل، وأما بيان أنه لما كان معدومًا، حصل ظن تحقق ذلك العدم في كل زمانٍ - فلما بيناه في مسألة الاستصحاب.
وثانيتها: أنه لو ثبت الحكم، لثبت بدلالةٍ أو أمارةٍ.
والأول: باطل؛ لأن الأمة مجمعة على أنه ليس في المسائل الشرعية دلالة قاطعة.