قال الرازي: الشيء الواحد لا يجوز أن يكون مأمورا به منهيا عنه معا.
والفقهاء قالوا: يجوز ذلك، إذا كان للشيء وجهان.
لنا: أن المأمور به هو: الذي طلب تحصيله من المكلف، وأقل مراتبه رفع الحرج عن الفعل، والمنهي عنه هو: الذي لم يرفع الحرج عن فعله؛ فالجمع بينهما ممتنع؛ إلا على القول بتكليف ما لا يطاق.
فإن قيل هذا الامتناع إنما يتحقق في الشيء الواحد، من الوجه الواحد.
أما الشيء ذو الوجهين؛ فلم لا يجوز أن يكون مأمورا به؛ نظرا إلى أحد وجهيه منهيا عنه؛ نظرا إى الوجه الآخر، وهذا كالصلاة في الدار المغصوبة؛ فإن لها جهتين: كونها صلاة، وكونها غصبا، والغصب معقول دون الصلاة، وبالعكس؛ فلا جرم صح تعلق الأمر بها؛ من حيث إنها صلاة - وتعلق النهي بها؛ من حيث إنها غصب؛ لأن السيد، لو قال لعبده:" خط هذا الثوب، ولا تدخل هذه الدار " فإذا خاط الثوب، ودخل الدار، حسن من السيد أن يضربه، ويكرمه، ويقول: أطاع في أحدهما، وعصى في الآخر؛ فكذا ما نحن فيه؛ فإن هذه الصلاة، وإ كانت فعلا واحدا، ولكنها تضمنت تحصيل أمرين:
أحدهما مطلوب، والآخر منهي عنه.
سلمنا أن ما ذكرته يدل على قولك؛ لكنه معارض بوجه آخر، وهو أن الصلاة في الدار المغصوبة صلاة، والصلاة مأمور بها؛ فالصلاة في الدار المغصوبة مأمور بها.