قال القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص): (صورة هذه المسألة أن يجني رجل على سلعة، فيختلف المقومون في تقويمها، أو يجرح جراحة ليس فيها تقدير، فيختلف في أرشها أرباب الخبرة في ذلك، فيأخذ الشافعي بأقل ما قيل.
واختلف في تعليله، فقيل: لأن الاختلاف ليس بدليل، فيسقط الزائد، وقيل: لأنه مشكوك فيه، والشك ليس بحجة، فيبقي الزائد.
قال: ومذهبنا التفصيل في هذه المسألة، فتارة يأخذ بالأقل، وتارة لا يأخذ به.
فقال أصحابنا: إذا أوصى له بمائة وخمسين في كتاب واحدٍ بوصيتين.
فقيل: يعطي الأكثر، وقيل: نصف كل واحدٍ منهما، وعلى قول أشهب: يعطي الأقل.
وكذلك في التقويم، يؤخذ الوسط عندنا، وكذلك الخنثى المشكل يعطيه نصف الميراثين، وكذلك إذا اختلف الورثة في المولود، فقال بعضهم: ذكر، وقال بعضهم: أنثى، وقد مات بالدفن، يتخرج على الأقوال الثلاثة المتقدمة، وأوضح المثل قيمة المتلف.
قال: وهذه المسألة: تتعلق باستصحاب الحال أكثر من تعلقها بالإجماع؛ لأن غير الإجماع يقوم مقامه في الشغل، ونفى الزائد، وهو بالأصل المقتضى لبراءة الذمة.
قال: والدليل على أنه لا يؤخذ بالأقل أن الأخذ به يؤدي إلى اطراح الاجتهاد من الفريق الآخر في القيمة.
والأصل ألا يطرح الاجتهاد ليس البعض أولى من البعض، والاجتهاد دليل