قال الرازي: المسألة الأولي: لا يجوز حصول الإجماع إلا عن دلالةٍ، أو أمارةٍ، وقال قوم: يجوز صدوره عن التبخيت.
لنا: أن القول في الدين بغير دلالةٍ، أو أمارةٍ خطأ؛ فلو اتفقوا عليه، لكانوا مجمعين على الخطأ؛ وذلك يقدح في الإجماع.
احتج المخالف بأمرين:
الأول: أنه لو لم ينعقد الإجماع إلا عن دليلٍ، لكان ذلك الدليل هو الحجة، ولا يبقي في الإجماع فائدة.
الثاني: أن الإجماع لا عن الدلالة، ولا عن الأمارة قد وقع؛ كإجماعهم على بيع المراضاة وأجرة الحمام.
والجواب عن الأول: أن ذلك يقتضي ألا يصدر الإجماع عن دلالةٍ، لا عن أمارةٍ ألبتة، وأنتم لا تقولون به.
ولأن فائدة الإجماع: أنه يكشف عن وجود دليلٍ في المسألة، من غير حاجةٍ إلى معرفة ذلك الدليل، والبحث عن كيفية دلالته على المدلول.
وعن الثاني: أن الصور التي ذكرتموها، غايتكم أن تقولوا: لم ينقل إلينا فيها دليل، ولا أمارة، ولا يمكنكم القطع بأنهما ما كانا موجودين؛ فلعلهما كانا موجودين، لكن تركوا نقلهما للاستغناء بالإجماع عنهما.