في أن الأخبار المروية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالآحاد قد وقع فيها ما يكون كذبًا.
ثم في بيان الداعي إلى وضع الكذب عليه؛ فهما، مقامان:
أما المقام الأول: فالذي يدل عليه وجوه:
أحدها: ما روى عنه- عليه الصلاة والسلام-: (سيكذب على) فهذا الخبر إن كان صدقًا، فلا بد من أن يكذب عليه، وإن كان كذبًا، فقد كذب عليه أيضًا.
وثانيها: انه قد حصل في الأخبار مالا يجوز نسبته إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يقبل التأويل، وإذا كان كذلك، وجب القطع بكونه كذبًا.
وثالثها: ما روى عن شعبة: (أن نصف الحديث كذب).
وأما المقام الثاني: وهو سبب الكذب: فاعلم أن ذلك: إما أن يكون من جهة السلف، أو من جهة الخلف، أما السلف: فهم منزهون عن تعمد الكذب، إلا أنه لو وقع ذلك، لوقع على وجوه:
أحدها: أن يكون الراوي يرى نقل الخبر بالمعنى، فيبدل مكان اللفظ آخر لايطابقه في معناه، وهو يرى أنه يقوم مقامه.
وثانيها: أنهم لا يكتبون الحديث في الغالب، فإذا قدم العهد، فربما نسى اللفظ، فأبدل به لفظًا آخر، وهو يرى أن ذلك اللفظ هو المسموع، وربما نسى زيادة يصح بها الخبر.
وثالثها: ربما أدرك الرسول- عليه الصلاة والسلام- وهو يروي متن الخبر،