قال الرازي: الإخلال بالمأمور به، هل يوجب فعل القضاء أم لا؟
هذه المسألة لها صورتان:
الصورة الأولى: الامر المقيد، كما إذا قال: افعل في هذا الوقت، فلم يفعل؛ حتى مضى ذلك الوقت، فالأمر الأول، هل يقتضي إيقاع ذلك الفعل فيما بعد ذلك الوقت؟ الحق: لا؛ لوجهين:
الاول: أن قول القائل لغيره: " افعل هذا الفعل يوم الجمعة " لا يتناول ما عدا يوم الجمعة، وما لا يتناوله الأمر، وجب ألا يدل عليه بإثبات، ولا بنفي، بل لو كان قوله:" افعل هذا الفعل يوم الجمعة " موضوعا في اللغة لطلب الفعل في يوم الجمعة، وإلا ففيما بعدها، فهاهنا: إذا تركه يوم الجمعة، لزمه الفعل فيما بعده، ولكن على هذا التقدير: يكون الدال على لزوم الفعل فيما بعد يوم الجمعة، ليس مجرد طلب الفعل يوم الجمعة، بل كون الصيغة موضوعة لطلب يوم الجمعة وسائر الأيام.
ولا نزاع في هذه الصورة، وإنما النزاع في أن مجرد طلب الفعل يوم الجمعة لا يقتضي إيقاعه بعد ذلك.
الثاني: أن أوامر الشرع تارة لم تستعقب وجوب القضاء، كما في صلاة الجمعة، وتارة استعقبته، ووجود الدليل مع عدم المدلول خلاف الأصل، فوجب أن يقال: إن إيجاب الشيء لا إشعار له بوجوب القضاء، وعدم وجوبه.