وثانيها: أن يقول بعض أئمة الصحابة، أو يعمل بخلافه، والخبر لا يجوز خفاؤه عليه، وهذا عند البعض يحمل على نسخه، أو أنه لا أصل له؛ إذ لولاه، لما خالف، وعند الشافعي- رضي الله عنه-: لا يحمل على ذلك؛ لكن إذا عارضه خبر لا يكون كذلك، كان راجحا عليه.
وثالثها: إذا عمل بأحدهما أكثر السلف ممن لا يجب تقليدهم.
قال عيسى بن أبان: يجب ترجيحه؛ لأن الأكثر يوفقون للصواب ما لا يوفق له الأصل، وقال آخرون: لا يحصل الترجيح؛ لأنه لا يجب تقليدهم.
ورابعها: أن خبر الواحد فيما تعم به البلوى يكون مرجوحا؛ إما لاختلاف المجتهدين في قبوله، أو لأن كونه مما تعم به البلوى، إن لم يوجب القدح فيه، فلا أقل من إفادته المرجوحية.
واعلم أن بعض ما يرجح به الخبر قد يكون أقوى من بعض؛ فينبغي إذا استوي الخبران في كمية وجوه الترجيح: أن تعتبر الكيفية، فإن كان أحد الجانبين أقوى كيفية، وجب العمل به، وإن كان أحد الجانبين أكثر كمية، وأقل كيفية، والجانب الآخر على العكس منه- وجب على المجتهد أن يقابل ما في أحد الجانبين بما في الجانب الآخر، ويعتبر حال قوة الظن، والكلام في قوة كثير من وجوه الترجيحات طريقه الاجتهاد.