في أن المكره على الفعل، هل يجوز أن يؤمر به ويتركه؟
المشهور: أن الإكراه إما أن ينتهي إلى حد الإلجاء، أو لا ينتهي إليه:
فإن انتهى إلى حد الإلجاء، امتنع التكليف؛ لأن المكره عليه يعتبر واجب الوقوع، وضده يصير ممتنع الوقوع، والتكليف بالواجب والممتنع غير جائز.
وإن لم ينته إلى حد الإلجاء، صح التكليف به.
ولقائل أن يقول: الإكراه لا ينافي التكليف؛ لأن الفعل: إما أن يتوقف على الداعي، أو لا يتوقف:
فإن توقف، فقد بينا فيما تقدم: أنه لابد من انتهاء الدواعي إلى داعية تحصل فيه من قبل غيره، وأن حصول الفعل عند حصول تلك الداعية واجب؛ فحينئذ يكون التكليف تكليفا بما وجب وقوعه، أو بما امتنع وقوعه، وإذا جاز ذلك؛ فلم لا يجوز مثله في الإكراه؟
وأما إن لم يتوقف على الداعي، كان رجحان الفعل على الترك أو بالعكس اتفاقيا، والإتفاقي لايكون باختيار المكلف، وإذا جاز التكليف هناك مع أنه ليس باختيار المكلف؛ فلم لا يجوز مثله في الإكراه؟
فإن قلت: ما الذي أردت بكون الفعل اتفاقيا؟
إن عنيت به: أنه حصل لا بقدرة القادر، فهو ممنوع؛ وذلك لأن المؤثر فيه