قال الرازي: انقراض العصر غير معتبرٍ عندنا في الإجماع؛ خلافًا لبعض الفقهاء والمتكلمين، منهم الأستاذ أبو بكر بن فورك.
لنا: قوله تعالى:} وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا {[البقرة:١٤٣] وصفهم بالخيرية، وإجماعهم لا على الصواب يقدح في وصفهم بالخيرية.
وأيضًا: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجتمع أمتي على الخطأ) ينافي إجماعهم على الخطأ، ولو في لحظةٍ واحدةٍ.
ومما تمسكوا به في المسألة: أنا لو اعتبرنا الانقراض، لم ينعقد إجماع؛ لأنه قد حدث من التابعين في زمن الصحابة قوم من أهل الاجتهاد، فيجوز لهم مخالفة الصحابة؛ لأن العصر لم ينقرض، ثم الكلام في العصر الثاني كالكلام في العصر الأول؛ فوجب ألا يستقر إجماع أبدًا.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المعتبر انقراض عصر من كان مجتهدًا عند حدوث الحادثة، لا من يتجدد بعد ذلك. فلا يلزم اعتبار عصر التابعين، إذا حدث فيهم مجتهد بعد حدوث الحادثة؟
قلت: بتقدير أن يحدث في التابعين واحد من أهل الاجتهاد قبل انقراض عصر من كان مجتهدًا، عند حدوث الحادثة من الصحابة، ففي ذلك الوقت إجماع الصحابة غير منعقد؛ فوجب أن يجوز للتابعي مخالفتهم، وكذلك يحدث في تابعي التابعين قبل انقراض عصر من كان مجتهدًا من التابعين، وهلم جرا إلى زماننا؛ فيلزم ألا ينعقد الإجماع على ذلك التقدير.