على النظري أولي أن يكون نظريا وإذا كان كذلك كان العلم بوجوب النظر نظريا لا ضروريا وحينئذ يتحقق الإلزام فكل ما يجعله الخصم جوابا عن ذلك فهو جوابنا عما ذكروه وبالله التوفيق.
قال القرافي: قوله: ((الفصل الثامن شكر المنعم غير واجب ...)) إلى آخر الفصل، ولنقدم أبحاثا ثلاثة:
المبحث الأول
في بيان حقيقة الشكر ما هو؟ فإن التصديق فرع التصور، فأقول: شكر الله تعالى طاعته بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ولذلك لما يقيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ لما قام حتى تورمت قدما:"أفتفعل ذلك وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ألا أكون عبدا شكورا "، فسمى صلاته شكرا، وهي قول، وفعل، واعتقاد، وقال الله تعالى:"اعملوا آل داود شكرا "[سبأ:١٣] فجعل جملة شريعتم شكرا، وقال الشاعر:[الطويل]:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
إشارة إلى الثلاثة القول باللسان والفعل باليد والولاء والوداد والاعتقاد بالضمير وهو القلب، فكل ما لله تعالى فيه طلب، ففعله طاعة إن طلب فعله أو تركه طاعة إن طلب تركه، لأن العبد مطيع بجميع ذلك،