المشهور: أن النهي يفيد التكرار، ومنهم من اباه، وهو المختار.
لنا: ان النهي قد يراد منه التكرار، وهو متفق عليه، وقد يراد منه المرة الواحدة؛ كما يقول الطبيب للمريض الذي شرب الدواء:" لا تشرب الماء، ولا تأكل اللحم " أي: في هذه الساعة، ويقول المنجم:" لا تفصد، ولا تخرج غلى الصحراء " اي: في هذا اليوم، ويقول الوالد لولده:(لا تلعب) أي: في هذا اليوم، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل؛ فوجب جعل النهي حقيقة في القدر المشترك.
الثاني: أنه يصح أن يقال: " لا تأكل السمك ابدا " وأن يقال: " لا تأكل اللحم في هذه الساعة، وأما في الساعة الأخرى، فكل "، والأول ليس بتكرار، والثاني ليس بنقض؛ فثبت أن النهي لا يفيد التكرار.
احتج المخالف بأمور:
أحدها: أن قوله: (لا تضرب) يقتضي امتناع المكلف من إدخال ماهية الضرب في الوجود، والامتناع من إدخال هذه الماهية في الوجود؛ إنما يتحقق إذا امتنع من إدخال كل أفرادها في الوجود؛ إذ لو أدخل فردا من أفرادها في الوجود، وذلك الفرد مشتمل على الماهية - فحينئذ يكون قد أدخل تلك الماهية في الوجود، وذلك ينافي قولنا: إنه امتنع من إدخال تلك الماهية في الوجود.
وثانيها: أن قوله: (لا تضرب) يعد في عرف اللغة مناقضا لقوله: (اضرب).