قال التبريزي: إجماعهم على عدم حرمان الجد ليس التفاتًا إلى أن القول بأقل ما قيل تمسك بالإجماع؛ فإن ذلك على خلافه، وإنما هذا لأن اختلافهم في المسألة تنازع في قدر مستحق الجد مع الاتفاق على أصل الاستحقاق، فهو كالنزاع في تنقيح حكم السبب، مع الاتفاق على اعتباره، كما في الغصب والرهن.
قال: وكأنها ليست من هذه المسألة.
قلت: يريد أن الإجماع على الأخذ بالأقل، كما في دية اليهودي أقل ما قيل فيه الثلث، فالثلث الأقل، وهو مجمع عليه.
هذا إجماع على الحكم، فهل يكون مدركًا للمجتهد؟ سيأتي آخر هذا الكتاب إن شاء الله - تعالى - في المدارك المختلف فيها.
وهذه المسألة: الإجماع على اعتبار السبب، وإلغاؤه إلغاء المجمع عليه قطعًا، وهو قرابة الجد كما يجمعون على اعتبار أصل الرهن، ويختلفون هل من شرطه دوام الجواز أم لا؟ فالقول بأن أصل الرهن لا يلزم مطلقًا - خلاف الإجماع، ولذلك أجمعوا على أن الغصب يوجب الضمان، واختلفوا في الزوائد، هل هي للغاصب أم لا؟
فالقول بأن الغصب لا يضمن خلاف الإجماع.
ثم قال التبريزي: لا نسلم أنهم إذا اختلفوا على قولين أوجب كل واحد الأخذ بمذهبه عينًا - نظر إلى خصوص دليله المعين، بل بما يؤدي إليه اجتهاده، نظرًا إلى الدليل العام، ولا حصر عنده في هذا المقام، بل يقول: الاختلاف دليل فتح باب النظر، وعدم تعين الحق.