قال الرازى: مذهب الشافعي- رضي الله عنه-: أنه يجوز التعليل بالعلة القاصرة؛ وهو قول أكثر المتكلمين.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، ووافقونا في العلة المنصوصة.
لنا: أن صحة تعدية العلة إلى الفرع موقوفة على صحتها في نفسها، فلو توقفت صحتها في نفسها على صحة تعديتها إلى الفرع، لزم الدور، وإذا لم تتوقف على ذلك، فقد صحت العلة في نفسها، سواء كانت متعدية، أو لم تكن.
فإن قيل:(لم لا يجوز أن يقال: (إن صحتها في نفسها لا تتوقف على صحة تعديتها، بل على صحة وجودها في غير الأصل؛ وحينئذ ينقطع الدور): سلمنا ذلك؛ ولكن وجد ها هنا ما يدل على فساد العلة القاصرة، وهو من وجوه:
الأول: إن العلة القاصرة لا فائدة فيها، وما لا فائدة فيه كان عبثا، وهو على الحكيم غير جائز.
وإنما قلنا: إنه لا فائدة فيها: لأن الفائدة من العلة التوسل بها إلى معرفة الحكم، وهذه الفائدة مفقودة ها هنا؛ لأنه لا يمكن في القاصرة أن يتوسل بها إلى معرفة الحكم في الأصل؛ لأن ذلك معلوم بالنص، ولا يمكن التوسل بها إلى معرفة الحكم في غير الأصل؛ لأن ذلك يمكن أن لو وجد ذلك الوصف في غير الأصل، فإذا لم يوجد، امتنع حصول تلك الفائدة.