الأول: أن دعوة من تقدمه كانت عامة، فوجب دخوله فيها.
الثاني: أنه كان يركب البهيمة، ويأكل اللحم، ويطوف بالبيت.
والجواب عن الأول: أنا لا نسلم عموم دعوة من تقدمه.
سلمناه؛ لكن لا نسلم وصول تلك الدعوه إليه بطريق يوجب العلم، أو الظن الغالب، وهذا هو المراد من زمان الفترة.
وعن الثاني، أن نقول: اما ركوب البهائم، فهو حسن في العقل، إذا كان طريقا إلى حفظها بالعلف وغيره، وأما أكله لحم المذكى، فحسن ايضا؛ لانه ليس فيه مضرة على الحيوان، واما طوافه بالبيت، فبتقدير ثبوته، لا يجب - لو فعله من غير شرع - أن يكون حراما.
التقسيم الثالث
قال القرافي: قوله: (وفيه بحثان):
البحث الأول
هل كان النبي عليه السلام متعبدا بشرع من قبله؟
قلت: هذه الصيغة في قوله: (متعبدا) يحتمل فتح الباء، فيكون اسم مفعول، وكسرها، فيكون اسم فاعل، والذي يظهر لي الكسر؛ بمعنى أنه هل كان عليه السلام يعبد الله تعالى ويتقرب إليه على وضع شريعة اختارها؛ لعلمه بفساد ما عليه الجاهلية، أم كان تحنثه في غار حراء وغيره بمقتضى المناسبة عنده، لا ملتزما شريعة متقدمة؛ لعدم ثبوتها عنده.